وثبتْ تَستقربُ النجم مجالا *** وتهادتْ تسحبُ الذيلَ اختيالا
وحِيالي غادةٌ تلعب في *** شعرها المائجِ غُنجًا ودلالا
طلعةٌ ريّا وشيءٌ باهرٌ *** أجمالٌ ؟ جَلَّ أن يسمى جمالا
فتبسمتُ لها فابتسمتْ *** وأجالتْ فيَّ ألحاظًا كُسالى
وتجاذبنا الأحاديث فما *** انخفضت حِسًا ولا سَفَّتْ خيالا
كلُّ حرفٍ زلّ عن مَرْشَفِها *** نثر الطِّيبَ يميناً وشمالا
قلتُ يا حسناءُ مَن أنتِ ومِن *** أيّ دوحٍ أفرع الغصن وطالا ؟
فَرَنت شامخةً أحسبها *** فوق أنساب البرايا تتعالى
وأجابتْ : أنا من أندلسٍ *** جنةِ الدنيا سهولاً وجبالا
وجدودي ، ألمح الدهرُ على *** ذكرهم يطوي جناحيه جلالا
بوركتْ صحراؤهم كم زخرتْ *** بالمروءات رِياحاً ورمالا
حملوا الشرقَ سناءً وسنى *** وتخطوا ملعب الغرب نِضالا
فنما المجدُ على آثارهم *** وتحدى ، بعد ما زالوا الزوالا
هؤلاء الصِّيد قومي فانتسبْ *** إن تجد أكرمَ من قومي رجالا
أطرق القلبُ ، وغامتْ أعيني *** برؤاها ، وتجاهلتُ السؤالا
********************************************
أصبح السفح ملعبا للنسور *** فاغضبي يا ذرا الجبال وثوري
إن للجرح صيحة فابعثيها *** في سماع الدنى فحيح سعيرِ
واطرحي الكبرياء شلوا مدمى *** تحت أقدام دهرك السكيرِ
لملمي يا ذرا الجبال بقايا النسر *** وارمي بها صدور العصورِ
إنه لم يعد يكحل جفن النجم *** تيها بريشة المنثورِ
هجر الوكر ذاهلا وعلى عينيه *** شيء من الوداع الأخيرِ
تاركا خلفه مواكب سحب *** تتهاوى من افقها المسحورِ
كم اكبت عليه وهي تندي *** فوقه قبلة الضحى المخمورِ
هبط السفح طاويا من جناحيه *** على كل مطمح مقبورِ
فتبارت عصائب الطير ما بين *** شرود من الأذى ونفورِ
لا تطيري جوابة السفح فالنسر *** إذا ما خبرته لم تطيري
نسل الوهن مخلبيه وأدمت *** منكبيه عواصف المقدورِ
والوقار الذي يشيع عليه *** فضلة الإرث من سحيق الدهورِ
وقف النسر جائعا يتلوى *** فوق شلو على الرمال نثيرِ
وعجاف البغاث تدفعه *** بالمخلب الغض والجناح القصيرِ
فسرت فيه رعشة من جنون *** الكبر واهتز هزة المقرورِِ
ومضى ساحبا على الأفق الأغبر *** أنقاض هيكل منخورِِ
وإذا ما أتى الغياهب واجتاز *** مدى الظن من ضمير الأثيرِ
جلجلت منه زعقة نشت الآفاق *** حرى من وهجها المستطير
وهوى جثة على الذروة الشماء *** في حضن وهجها المستطيرِ
أيها النسر هل أعود كم عدت *** أم السفح قد أمات شعوري
***********************************************
قالت مللتك،اذهب،لست نادمة *** على فراقك،إن الحب ليس لنا
سقيتك المر من كأسي شفيت بها *** حقدي عليك،ومالي عن شقاك غنى
لن أشتهي بعد هذا اليوم أمنيةً *** لقد حملت إليها النعش والكفنا
قالت ، وقالت ، ولم أهمس بسمعها *** ما ثار من غصصي الحرَّي وما سكنا
تركت حجرتها ، والشعر منسرحا *** والعطر منسكبا ، والعمر مرتهنا
وسِرت في وحشتي، والليل ملتحف *** بالزمهرير، وما في الأفق ومض سنا
ولم أكد أجتلي دربي على حدسٍ *** وأستلين عليه المركب الخشنا
حتّى سمعت ورائي رجع زفرتها *** حتى لمست حيالي قدها اللدنا
نسيت مابي ، هزتني فُجاءَتُها *** وفجرت من حناني كل ما كمنا
وصحتُ: يا فتنتي ، ما تفعلين هنا؟ *** البرد يؤذيك ، عودي لن أعود أنا
******************************************************************************************************************